التقيا في نفس المكان
بعد فراق دام سنوات لم تفصل بينهما غير خطوات.......
شعرت أن بينها وبينه بعد ما بينها وبين تلك الشمس.......
تقدم نحوها مسرعا .. ابتسما .... تناول يدها ليقبلها .......
تراخت يده فجاة ... ... و أدرك أن لا حق له في تقبيلها.......
لأن تلك اليد أضحت ملكا لغيره ... ملكا لصاحب الخاتم الذي يزينها.......
شعر بضيق في صدره وكأنه قد حيل بينها وبينه الى الابد .......
رفع رأسه إلى السماء وقد أزدحمت الدموع في عينيه ،
لكنه لم يبك ولم يتقهقر .......
قال بصوت متدهج : أأنت سعيدة معه.......
نظرت اليه نظرة منكسرة .. نكست رأسها.. بقيت واجمة صفراء ..
وقالت في نفسها ....
يسألني عن السعادة وكأنه لا يعلم انه تركني للشقاء .......
ومر ت بهما ساعة على تلك الحال لا يعلم مداها الا الله.......
رفعت رأسها فاذا عيناها محمرتان من البكاء .......
ابتسمت وقالت: أتعلم ماذا صنع بي الدهر من بعدك .......
اختنق صوتها ولم تستطع مواصلة الكلام .......
انفجرت باكية بصوت عال وتركته كأنها هاربة منه تبحث عن منقذها .....
لحق بها ومد يده اليها ضارعا قائلا: سامحيني
حدثتها نفسها أن ترتمي بين ذراعيه
وتهمس في مسمعه.....
أنها لن تعرف للعيش طعما من دونه.....
وتذكره أن الخاتم الذي باصبعها نفسه
الذي أهداها لكنها فقدت جوهرته الحقيقية ساعة رمته حين قرر الرحيل .....
فوضعت مكانها أخرى تشبهها شكلا تختلف عنها لونا.....
لكن سرعان ما مر بخاطرها مرور البرق تلك اللحظات التي
أحست فيها أنها اقل شأنا منه.......
تلك اللحظات التي خنق فيها أحلامها ... داس أزهارها..
رحل وتخلى عنها .......
فثارت في نفسها عاطفة العزة ومحت عاطفة الغضب عاطفة الحب.......
كان ينتظركلمة تختلج بين شفتيها كما ينتظر المحكوم عليه حكما يفصل في أمره ينطق به القاضي .......
نظرت اليه بعين باكية وقالت :ارحل ..
ارجع من حيث أتيت أيها السيد ... فلا مكان لك بقلبي .
وتركته بدون كلمة وداع ...
أما هو فقد بقى واقفا ينظر اليها وهي ترحل وتألمت نفسه
وارتاحت في نفس الوقت .......
فقد علم أنها لا تزال تضمر له في نفسها
ذلك الحب الذي أضمرته له دوما.......