هذه فرصتنا.. فلنتب إلى الله
إن نسينا ما اقترفته أيدينا فالله لا ينسى.. وإن أغمضنا أعيننا فإن عين الله لا تنام.. وإن اختبأنا لنفعل معصية في غرفة مظلمة حتى لا يرانا أحد فإن الله يرانا في كل لحظة ويرقبنا ونحن نعصيه!
ألم يئــْنِ لنا أن نعود؟ ألم يئــْنِ لنا أن نتوب إليه؟ ألم نستشعر قوله تعالى: "ألم يئــْنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله"؟ فإلى متى ستطول غفلتنا؟
يمكن لبعضنا أن يسأل: ممّ أتوب؟ فأنا لم أرتكب أي ذنب.. فلم أسرق ولم أظلم ولم ارتكب فاحشة.. فمن ماذا أتوب؟.. فله نقول: إن من الله عليك بفعل الطاعات والبعد عن المنكرات فهذا لا يغنيك عن التوبة.. هل تعلم لماذا؟ تعال وتأمل معي:
فرائضك التي تؤديها.. هل تؤديها على أكمل وجه ومن دون تأخير وبخشوع؟ هل تقوم بجميع ما أمرت به وما وُصيت عليه من صلة رحم وحسن خلق مع زوجك وأولادك وأهلك وجيرانك؟ هل دافعت عن دينك عندما انتهكت محارمه؟ هل أمرت بمعروف أو نهيت عن منكر أمامك؟.. ولا تنس هذه الأمور: الصدقة، عيادة مريض، قراءة القرآن بتدبر، غض البصر، الابتعاد عن الغيبة والنميمة والكذب، وغيرها.
إذا كنت قد قمت بذلك كله فهل أنت متأكد من أن نيتك خالصة لله تعالى في كل الأعمال ولم يدخل فيها رياء وليس للناس فيها حظ؟ أي بإخلاص لوجهه تعالى؟ وهل شكرت الله تعالى على كل نعمة أنعم بها عليك؟
إذا علمت الجواب فتأكد أنك مازلت تحتاج للتوبة إلى الله والرجوع إليه في كل وقت والندم على كل لحظة مرت من عمرك لم تذكره فيها.. قال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار".. إذاً يجب علينا أن نتوب جميعا.. يجب أن نرجع إلى الله عز وجل في كل لحظة.. ولنعلم أن الله يفرح بتوبة العبد ورجوعه إليه.. فهيا لنتب إلى الله.. ولننظر إلى كرم الله تعالى فقد قال صلى الله عليه وسلم: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له".
هذه هي فرصتنا الآن للتوبة.. وقد جاءت إلينا بين أيدينا.. فرصتنا أن قلبنا مازال ينبض.. فرصتنا أنه مازال نفسنا لم يتوقف.. أننا مازلنا نبصر ونستطيع أن نقرأ بأعيننا هذه الكلمات.. تلك العين التي عصينا بها ربنا وتناسينا أن الله قادر على أن يأخذها منا وأنها ستتكلم وستشهد علينا في يوم تشخص فيه الأبصار.. فلنحمد الله على أننا مازلنا أحياء وأن تلك الدماء مازالت تتدفق في عروقنا.. فالبدار البدار إلى التوبة النصوح.. ولنبدأ من الآن ولنردد جميعاً هذه الكلمات مراراً: "أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه"، ولنستشعر الراحة التي تملكت نفوسنا بقولها.. إنها حلاوة الرجوع.. فما أجمله من رجوع وما أجملها من لذة نتجت عن إيمان صادق بالله.
إن الله رحيم بنا ويغفر ذنبنا ويقبل توبتنا.. فلنجدد العهد مع الله.. فالله تواب رحيم.. عسى الله أن يجعلنا وإياكم من عتقائه من النار، وأن يجمعنا وإياكم بنبينا نبي الرحمة محمد صلى الله عليه واله وسلم في جنات النعيم.. اللهم آمين.